الإثبات العلمي لأقدمية و استقلال الدولة الجزائرية
اليوم سنجري مع بعض بحث على الطريقة الأكاديمية لموضوع انتظر الكثيرون إثباته علميا أنا وهو:هل كانت الجزائر مستقلة عن الدولة العثمانية أم أنها كانت ولاية عثمانية؟
نتفق جميعا أنه شروط تسمية الدولة دولة هي:
– تستقل بحكمها بقرراتها.
– تكون لها حدود جغرافية واضحة.
– أن تكون لها مداخيلها وإقتصادها مستقل.
– تكون لها لغة رسمية تحرر بها مناشيرها ومراسلاتها.
– يكون لها حاكم معروف ومسمى.
– تكون لها قوانين حكومة.
– تكون قادرة على إجراء معاهدات وإتفاقيات مع الأمم الأخرى باسمها الخاص دون الرجوع لأي سلطة عليا.
– يكون لها علم لا تشترك فيه مع أي دولة أخرى.
– يكون لها جيش لا يأتمر إلى بأمر حاكمها.
– تكون لها عاصمة عندها قناصل وسفراء في الخارج وبها قناصل وسفراء للدول الأخرى في أرضها وعندها سكان مقاطعات وولاة.
نظن إذا إستطعنا إثبات كل هذه الجزئيات قبل الإستعمار الفرنسي بالدليل التاريخي سنكون أنجزنا بحث شافي وكافي في هذا الموضوع.


وننوه أنوا جميع وثائق الدولة الجزائرية التي كانت بمقر ديوان الداي والقاضي والسفراء قد إستولى عليها الإستعمار الفرنسي يوم سقوط العاصمة سنة 1830م وحزموها في أكياس وأرسلوها إلى مخازن الأرشيف الحربي في باريس ويرفضون تسليمها لحد الآن لكن الحقيقة لا يمكن إخفاؤها وتقفي أثر الشئ سيوصل إليه لا محالا، وقد أجريت بحوث كثيرة من طرف المختصين وألفة الكتب في هذا الموضوع بما لا يترك مجالا للشك.

نبدأ بالنقطة الأولى: تعيين وإستخلاف الداي أي حاكم الجزائر سواء بعد وفاة أو بعد عزل هل كان يتم بشكل مستقل محليا في الجزائر أم يتم بتعيين من الدولة العثمانية، هذا كتاب كومبلات سيستم أوف جيوغرافي وهذه صفحته 730
لنقوم بتكبير الصورة و نقرأ مع بعض:
حكم الجزائر يقوم بيد الداي ومجلس إستشاري.
حسنا من هو الداي؟
يتم إختيار الداي من بين الجيش مهما كانت الرتبة، للجميع نفس الحق ليصبح داي الجزائر المهم يكون عنده الجرأة والطموح.
ولكل شخص حق إنتخاب الداي الذي يشاء ويأكد كذلك ويقول الإنتخاب من حق الجميع مهما كان منصبه ودرجته.
وبعد ما يتم انتخاب “الشخص” ليصبح داي يحييه الجميع ويبايعونه بعبارة ربي يبارك أو ربي يوفق وربي ينجح.


إذا في هذه الجزئية وبشهادة المؤرخين الأوروبيين في نفس عصر الدايات وثقوا بشكل تام استقلالية الجزائر في إختيار الداي وعدم ورود أي ذكر لتعيين الداي بأوامر تأتي من خارج الجزائر.
نواصل القراءة في نفس الصفحة:
المجلس الإستشاري للداي يتكون من 800 ضابط عسكري لديهم حق مراقبة الداي وتقييم سلطته إذا لم يحصل على الإجماع وهذا يسمى نظام جمهوري بأتم معنى الكلمة عكس الممالك مثل المملكة الفرنسية في ذلك الوقت التي كان فيها الملك يتمتع بالسلطة المطلقة.
بل هناك مؤرخين كانو يفظلون تسميتها “الجمهورية الجزائرية” في مؤلفاتهم وهنا نتحدث فقط عن المراجع التي ترجع لما قبل 1830م.
كما في الصفحة 714 نجد أن جيمس الثاني ويليام الثالث، وجورج الثاني الإنجليزيين من 1686م إلى 1708م وقعوا معاهدات سلم مع “الجمهورية الجزائرية” اي مع الجزائريين وليس العثمانيين.


الكتاب الأول الذي يرجع لـ 1736م يحكي قصة لما اكتشف داي الجزائر ما يخططون له للإطاحة “بالجمهورية الجزائرية”
وهنا كتب مبحث كامل عن مقارنة “الجمهورية الجزائرية” بالجمهورية الفرنسية يعني الند للند مع كلمة “الجمهورية الجزائرية”.
وفي حالات الطوارئ والحرب هل كانت تطلب المشورة والقرار من اسطنبول أو من الدولة العثمانية؟
الجواب هو لا بل كان يجري استدعاء لجميع الظباط اللي عددهم أكثر من 1500 في ذلك الوقت ويخرجون بقرار جماعي وهذا موثق بكل وظوح، فموضوع هرم السلطة واستقلاليته لاغبار عليه، صحيح ان مصطلح الداي موروث عثماني تناقلته الأجيال كرتبة عليا في البلاد تعني الحاكم أو الرئيس كما ورثنا عن الفرنسيين لفظ جينيرال المنتشرة أكثر من كلمة لواء العربية،
ولو كان الداي معناه حاكم الإقليم التابع للسلطان العثماني لسمعت عن داي تونس، وداي مصر، وداي فلسطين، وداي الحجاز ولكن الداي لا تطلق إلى على حاكم الجزائر فحتى الإسم مستقل والمنصب والوصول إليه مستقل وسيادي.

والآن الجزائر التي سيحكمها الداي هل هي محددة إقليميا وجغرافيا هل حدودها واضحة أم أنها ضبابية؟

من قبل قدوم الإستعمار الفرنسي والجزائر واضحة الحدود حدها الغربي نهر ملوية، بإتساع من الشرق إلى الغرب قدره 900ميل في بعض الخرائط 720 ميل علما أنه اتساعها الحالي فقط 560 ميل، حيث أن نهر ملوية يبعد الآن 200 كلم عن الحد الجزائري
خاصة أن الحد الشرقي بقي كما هو منذ عهد الدايات إلى اليوم على نفس الحدود، وبتالي هذه الدولة واضحة الحدود في تلك الفترة
نذهب الآن لإستقلالية الإقتصاد والمداخيل حيث كانت العملة تصك محليا وتحمل إسم الجزائر كما نقرأ هنا:
كان بالجزائر تجار وكان أكثرهم يهود ومسيحيون كان الشحن البحري من وإلى ميناء الجزائر كثير النشاط حيث أن بريطانيا لوحدها كانت تشتري من الجزائر في عصر الدايات 7 أو 8 آلاف طن قمح وشعير سنويا بالإضافة إلى الجلد والصوف والنحاس والحرير والمطروزات والملبوسات يعني لم يكن هناك أي طرف خارجي يصدق على حكومتها أوعلى شعبها،
الشعب يعمل في الفلاحة والصناعة والإنتاج، والتجار يصدرون إلى الخارج ويستوردون منه والحكومة كانت تأتيها الجزية والإتاوة من سيطرتها على البحر الأبيض المتوسط باستقلالية تامة في الإقتصاد أيضا.


وقد قلنا أن من شروط استقلال الدولة أن تكون عندها لغتها وهذا افضل مثال وهو معاهدة الجزائر مع الرئيس جورج واشنطون كانت بنفس اللغة الرسمية اليوم اللغة العربية ولم تكن لا بالتركية ولا بالإنجليزية ومؤرخة بالتاريخ الهجري الإسلامي،
ونجد كمثال في الحجاز واليمن مثلا لما كانت فعلا أرض تابعة للدولة العثمانية حكما و تسييرا، كانت هناك مطبعة واحدة تنشر جريدة يومية وكانت تنشرها باللغة التركية في أرض العرب، وهذا ما يثبت تبعية تلك الإمارة للدولة العثمانية، كما رأينا هذا لم يكن ينطبق على الجزائر

فأي سيادة مباشرة للدولة العثمانية كانت على الجزائريين إذا لم تكن الجزائر تابعة لها باي شكل من الأشكال

بل وعلى الرغم من أن دين الجزائريين والأتراك دين واحد إلا أن الجزائريين كانوا مسلمين على ممذهبهم الأصلي المختلف على مذهب الأتراك وكان لأئمتهم استقلالية تامة في الفقه والتفسير
ورغم كل هذه الدلائل على إستقلالية الدولة الجزائرية لكن لنواصل التحقيق في النقاط المتبقية.

قلنا من بين شروط سيادة الدولة أنو تكون مستقلة في إجراء معاهدات واتفاقيات دولية باسمها الخاص دون الرجوع لسلطة عليا.
أفضل مثال نجده وقع في القرن 18 لما تأسست الولايات المتحدة وراسلت الدول للإعتراف بها.
اعترفت بها الجزائر سنة 1795 بقرار سيادي مستقل عكس مصر التي اعترفت بها من ورقة ممضية في اسطنبول و عكس الدولة العثمانية التي اعترفت بها بعد ذلك بـ 35 سنة،


هنا مثلا تشتكي مذكرات الولايات المتحدة الأمريكية أنوا أغلى سلم اشترته في تاريخها هو سلمها مع الجزائر الذي دفعت فيه مليون دولار عام 1794م من بينها أنه اشترطت عليها الجزائر أن تصنع 36 مدفع بحري كما قال الأمريكان نصنع بأيدينا أسلحة لهؤلاء القراصنة ليستعبدوا بها النصارة
يعني قرار الجزائريين كان مستقل، وسيادتها بالإعتراف بالدول أو رفضها ومعاهداتها ومراسلاتها كانت مستقلة تماما.
وذكرنا أيضا أنه لتكون دولة مستقلة يجب أن يكون لها علم، هذا علم الدولة العثمانية الذي كان ثابت في حين أنوا الجزائر كان عندها علم مستقل يختلف تماما عنه يعني علم الدولة العثمانية بقي نفسه وعلم الجزائر الذي تطور عبر عدة أجيال لم يكن يوما يشبه علم الدولة العثمانية


في حين لو أردنا نأخذ مثال شاهد عن دولة كانت ولاية عثمانية نرجع لمصر التي كان علمها هو علم الدولة العثمانية وهو ما يثبت أكثر استقلالية الدولة الجزائرية عن الدولة العثمانية
والعلم الجزائري موثق باسمه في عديد المصادر التاريخية بصفته علما للجزائر.

وقلنا ايضا يجب أن نتحقق بأنه كان عندها جيش مستقل إذن لنقرأ معا هذه العبارة:
قوة جيشها ترجع لقوتها البرية والبحرية، لم يقل ترجع للدعم أو تأمين من اسطنبول أو الإنكشاريين بل نعرف حتى كم كانت ثروات بالضباط والجنود في الجيش الجزائري في تلك الفترة، وكانت الرتب العسكرية في تلك فترة شائعة بمصطلحات تركية مثلا الجنرال كان إسموا آغا والكولونال كان إسموا شيا باشا
وذلك راجع لكون الجيش الإنكشاري لما جاء في عهد خير الدين وعروج بارباروس جاؤوا منظمين برتب ودرجات وتسميات خاصة بكل رتبة وهم من ساهموا في تشكيل الجيش الجزائري وتنظيمه لما طلم منهم الجزائريين مساعدتهم في التصدي للهجمات الكاثوليكية الإسبانية فتناقلت هذه الرتب بمسميات تركية.

تقريبا كل هذه المسطلهحات العثمانية إختفت في وسط الجيش الجزائري ولو أنه بعض الباحثين المعاصرين يقولون أن كلمة حظرات وحدها بقيت متداولة وتقال للظباط.

العاصمة يجب أن يقيم بها الحاكم والرئيس والوزراء وتكون بها القنصليات وهذا محقق.
مذكورة بكل وظوح بأنه مدينة الجزائر هي عاصمة الدولة الجزائرية.
مئات الكتب القديمة تحدثت عن الإتفاقيات والمراسلات التي ذكر فيها أسماء القناصلة والسفرء الجزائريين لدى الأجانب،
ونعرف حتى أسماءهم بصفتهم “القنصل الجزائري” بكل وضوح وإستقلالية مثل القنصل الجزائري في المغرب الحاج عبد الكريم بن طالب المذرور في هذه القصة.
والقنصل الجزائري في إسبانية المذكور في هذه القصة الخاصة باسترجاع السفن المحتجزة، وفي نفس الصفحة نجد ذكر القنصل الإسباني في الجزائر.
بل أنه في معاهدة 1786م بين الجزائر واسبانية سمي القنصل بممثل الأمة الجزائرية. وفي كتاب تاريخ الجزائر نجد عبارة الأمة الجزائرية.

وهكذا تكون الدولة الجزائرية في العهد العثماني متوفرة تاريخيا على كل مقومات الدولة ذات السيادة الكاملة، ومن المغالطات المقصودة ما يروج له بأنه دولة الجزائر الحالية تأسست بعد إستقلالها من الإستعمار الفرنسي ولأنه الإستعمار الفرنسي جاء مباشرة بعد استعمار عثماني تركي بل أنه العلاقة بين الجزائر والدولة العثمانية ربما تشبه كون الجزائر اليوم تحت مظلة العالم الإسلامي، العالم العربي، الإتحاد الإفريقي.
يعني تحالف مصلحة مصير مشترك لأنه في ذلك الوقت كانت مظلة اسمها الدولة العثمانية معروفة جدا وشائعة وكون الجزائر محسوبة عليها بالإسم لا يعني أبدا أنها كانت ولاية تابعة لها ولو أنه الدولة العثمانية بما لها وما عليها كان لها دور عظيم جدا في إيقاف الزحف الكاثوليكي على إفريقيا حين سقطت الأندلس ولا ينكره إلا مكابر وجاحد إلا أنه التاريخ يثبت استقلالية الجزائر عن هذه الدولة العثمانية.
نتمنـى أن تستفيـدو مـن المقـال ويكـون إظافـة لمعلوماتكـم التاريخيـة .. دمتـم
ملاحظـة معلومـات المقـال منقولـة مـن قنـاة العالـم الجزائـر الأستـاذ محمـد دوميـر